(يولد المولود على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه) أو كما قال عليه الصلاة والسلام ، حديث صحيح لا غبار عليه ، ولكن في ظل توفر التقنية الحديثة والثورة المعلوماتيه التي يشهدها العالم بأسره أصبح من الصعب بمكان إحكام السيطرة على الأبناء وتوجيههم للمسار الصحيح دون سواه إذا أخذنا في إعتبارنا أن الأب والأم أنفسهم وبكل أسف أشغلتهم الأجهزه الذكيه ووسائل التواصل الإجتماعي عن القيام بكثير من أمورهم الحياتيه وأضحى التسويف شغلهم الشاغل وتأجيل عمل اليوم الى الغد أو بعد الغد يُعَد أمر طبيعي .
ولذلك لا تستغرب حينما ترى إبنك أو حفيدك إبن الأربع سنوات يبكي ويصرخ ويتمادى في البكاء والصراخ إلى إن تسلمه جوالك أو آيبادك للدخول عن طريقه الى البرامج التي تعود أن يشاهدها ويشارك فيها في هذه السن المبكرة، فمن شابه أباه فما ظلم !!
مع أنه وللأسف الشديد هناك بعض الأباء وإنطلاقاً من خوفهم على أبنائهم من سلبيات الإختلاط مع الآخرين ، وإكتساب بعض الأخلاقيات السيئة يفضلون عدم خروج ابنائهم من المنازل ، ويتفانون في إحضار المسليات والملهيات لهم ، ظناً منهم أن ذلك يمنع عنهم الكثير من السلبيات التي قد تترتب على خروجهم الى الشارع ، أو طمعاً منهم في إشباع رغبات أبنائهم بما يشغلهم ليتفرغ الأبوين لما هو في نظرهم مفيد ، وحقيقةً أنهم إرتكبوا أخطاء جسيمه في حق أبنائهم قد يصعب أحياناً التخلص من تبعياتها .
وحينما نتحدث عن الأبناء فإننا نقصد بذلك كلا الجنسين من الشباب والفتيات الذين في حاجة ماسة الى العناية بهم وإحتوائهم أكثر من ذي قبل ، لئلا تتخطفهم أيادي الشر فينحدرون الى الهاوية وينحرفون عن الصراط المستقيم .
وفي الوقت نفسه لابد أن نقتنع أن جيل أولادنا يختلف عن جيلنا ، ولا يمكن أن نعاملهم ونربيهم كما تربينا ، فهم جيل الحاسوب والفضائيات والأنترنت ، وهم جيل يفهم بالتقنيه أكثر مما نفهم ، وعلينا التقرب منهم وإحتوائهم ومخاطبتهم بما يفهمون ، ونتعامل معهم بالعقل والمنطق ، ونحاول قدر الإمكان تخصيص أوقات لهم لمزاولة هواياتهم بكل أريحية تحت رقابه مهذبة لا يستاؤون منها .
ثم أنه لا خوف علينا من هذه الثورة المعلوماتيه والتقنيه الحديثة فهي إحدى المبتكرات الإنسانيه التي لابد من الإيمان بها والتعايش معها ، وقد سبقها إبتكارات وإختراعات كان البعض منا يُحاربها ويُحرمها ويُجَرِّمها ثم ما لبثنا أن تعودنا عليها وأصبحت جزء أساسي من حياتنا إذا أحْسَنا إستغلالها والإستفادة منها ، و نحن بإذن الله وأبنائنا أهلاً لذلك، ولمجاراتها بما يفيدنا ويفيد غيرنا إذا ما تمسكنا بعقيدتنا الإسلاميه السمحة بعيداً عن التطرف والإنحلال ، ووفقاً لمعيار الوسطية والإعتدال ، مع وضع الضوابط اللازمة والعقوبات الرادعه لكل من تسول له نفسه إيذاء نفسه أو إلحاق الضرر بالآخرين ، وتطبيق ذلك بحزم وقوة لتستقيم الأمور ويتحقق التطور المنشود .