دفعني لكتابة هذا المقال ما سمعته وقرأته وتناقلته وسائل التواصل الاجتماعي عن زيارة عدد من الإعلاميين لسجن “ذهبان” وماقوبلوا به من حفاوة استقبال وبشاشة وجه ورقي تعامل، ثم اطلاع واسع على برنامج إدارة الوقت ، والمعرض الذي يحتوي على اعمال السجناء، وخلاصة أفكارهم وتفكيرهم الذي تغير بعد دخولهم السجن إلى ما هو في صالحهم وصالح وطنهم نتيجة ما وجدوه داخل السجن من اهتمام ومناصحة وتوجيه، وهذا هو الهدف المأمول من التوقيف لأنهم جزء من نسيجنا الاجتماعي، وإن كان حادوا عن الطريق.
لوحظ على الكثير منهم الندم على مافات، والتفكير فيما هو آتٍ، والأمل يحدوهم في العودة إلى الحياة الطبيعية كمواطنين صالحين يعوضون وطنهم ومجتمعهم عن ما ارتكبوه من أخطاء بحقهم، وهذا هو التوجه السليم الذي يسعى إليه ولاة الأمر حفظهم الله.
ومنذ بدايات المملكة العربية السعودية في مكافحة الإرهاب، وهي تحارب الفكر بالفكر، وتحاول احتواء شبابها وعودتهم إلى جادة الصواب، ومن أجل ذلك أنشأت عدة مراكز للمناصحة مهيأة بجميع الخدمات ومتوفرة فيها جميع الإمكانيات بما في ذلك وسائل الترفيه.
والسجون في المملكة العربية السعودية، وكذلك دور التوقيف والإصلاحيات أُنشِئت للتهذيب وتعديل السلوك، واحتواء الموقوف وتهيئته لسوق العمل، وإعادته إلى المجتمع عضوًا صالحًا فاعلًا منتجًا، ولديهم إستراتيجية واضحة في ذلك معتمدة على دراسات مستفيضة.
ولايَقِل مانقله لنا الإعلاميون عن سجن “ذهبان” عن ماشاهدناه في إصلاحية جدة التي سبق وزرناها مع مجموعة من المستشارين والمفكرين رواد مجلس مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة -يحفظه الله- للاطلاع عن كثب على تلك الخطة الإستراتيجية التي سمعنا عنها، ثم وقفنا عليها ولامسنا أثرها واضحًا على النزلاء.
ومعنى ذلك أن عجلة التنمية شملت كل مكان، وإن دلّ ذلك على شيء فإنما يدل على اهتمام الدولة ببناء الإنسان في أي مكان وكائنًا من كان.
ومالاحظناه في إصلاحية جدة يفوق الوصف ولايمكن اختزاله في سطور، ولا أدل على ذلك من رقي التعامل الذي لمسناه من ضباط وأفراد الإصلاحية ليس للزائرين فحسب، ولكن للنزلاء أيضًا، وقد شاهدنا أثناء الزيارة معامل الخياطة التي حققت الاكتفاء الذاتي من ملابس النزلاء، وجميع الخياطين من النزلاء السعوديين، وكذلك الحال في الإعاشة والمغسلة والفنون التشكيلية وجميع المرافق الخدمية، كما علمنا أن هناك عقود شراكة مع كثير من رجال الأعمال وأصحاب الشركات والمؤسسات لتوظيف أولئك النزلاء بعد انقضاء فترة توقيفهم.
اللافت للانتباه إقامة حفل معايدة ومهرجان ترفيهي داخل الإصلاحية، شارك فيه النزلاء والموظفون من مدنيين وعسكريين بمساهمة متميزة من هيئة الترفيه وغيرها من الجهات الحكومية ذات العلاقة ولسان حالهم يقول للنزلاء: أنتم جزء من نسيج هذا الوطن الغالي الذي ينعم بخيره الجميع ومثلما لكم حق عليه فله واجبٌ عليكم، والسلام عليكم.