كثيرًا ما نصطدم بهذه الشخصية العجيبة التي تستحوذ على المجالس، وتنتقد كل مشارك، وترى في نفسها المثل الأعلى بجميع المجالات.
وهي شخصية موجودة في كل زمان ومكان لا تعرف للإحسان طريقًا وللمعروف سبيلًا، همها انتقاد الآخرين، والتقليل من شأنهم وانتقاص أعمالهم، وعدم ذِكر محاسنهم لأن تركيز هذه الشخصية النرجسية على الأخطاء والهفوات فقط حتى وإن كانت تلك الأخطاء بسيطة.
تلك الشخصية ترى الكمال لها وحدها وما عداها فهو ناقص؛ ولذلك فهي لاتعرف الصواب في الأقوال والأفعال سوى لديها!! أما غيرها فهو محل انتقاد، كما أنها في الوقت نفسه لا تتحمل انتقاد الآخرين !!!
لماذا كل هذا ؟! ألسنا ببشر نصيب ونخطئ ؟ !!
إذًا: لماذا ننتقد الآخرين ولا نقبل انتقادهم ؟!
((إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون )) صدق الله العظيم.
إذا كان الانتقاد يُحْرِجك فهو كذلك يُحْرِج الآخرين.
المجاملة أحيانًا تكون مطلوبة لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر، كما أن تقبل الرأي الآخر مطلب لتستمر الحياة.
وَمَنْ لَـمْ يُـصَانِعْ في أُمُورٍ كَثِيرةٍ يُـضَرَّسْ بِأَنْيَابٍ وَيُـوْطَأْ بِمَنْسِمِ
للأسف الشديد ثلة من أصحاب الشخصية الانتقادية هم أرباب الفكر والأدب، وثلة أخرى من الجهلة الغوغائيين لا يفرقون بين الحقيقة والخيال وكلتا الطائفتين تحمل نفس المواصفات غير سوية،
وتنفرد بتصرفاتها المأسوية.
كثير من الأصدقاء يغادرون وسائل التواصل الاجتماعي إذا كانت تلك الشخصية ضمن الأعضاء، وأشخاص آخرون محترمون يعتذرون عن حضور مناسبات وندوات إذا علموا بوجود شخصيات انتقادية ضمن الحضور درءًا لما قد يحدث منهم.
أخيرًا: لابد أن نفرق بين النقد البناء والانتقاد الشخصي.
لأن النقد البناء قيمة علمية مبنية على البناء المعرفي وتنطلق من منظور علمي واقعي مُلِم بجميع الجوانب المضيئة والمعتمة، وقبل مايتطرق للسلبيات يشيد بالإيجابيات؛ لأن هدفه التطوير، وتحسين الأداء.
أما الانتقاد الشخصي فهو مبني على التنظير، والآراء الشخصية، وحب الذات، وتمجيد دوره، والتقليل من دور الآخرين، ومحاربة كل توجه يخالف توجهه؛ ولذلك سُمّيَ بالانتقاد الشخصي لعدم تحقيقه لأيٍ من المصالح العامة.
دمتم سالمين.