لو لم يكن لكورونا من فائدة سوى الجلوس في البيت مع الأسرة لكفاها ذلك.
أيام عديدة وسنون مديدة قضيناها، ونحن نلهث وراء سراب بسبب وبدون سبب؛ وكأننا لن نحقق رغباتنا إلا بخروجنا من بيوتنا وانقطاعنا عن عوائلنا ومجالسة زيد وعبيد وغيرهما من أصدقاء الغفلة !!
وحينما أتت هذه الأزمة توقفنا عن كل ذلك قسرًا، ولكنها لم تتوقف الحياة فلا زالت بواعث الأمل موجودة ولا زالت الدنيا بخير.
في هذه الفترة حافظنا على مركباتنا أكثر من أي وقت مضى، ووفرنا كثيرًا من التكاليف وأصبحنا لا نحركها إلا للضرورة والضرورة القصوى فهناك نقاط ضبط وربط سنتعرض فيها للمساءلة وربما ننال المخالفة !! وبالتالي فإن الجلوس بالبيت أزين.
الحجر المنزلي خلال هذه الفترة حقق أهدافًا عظيمة تصب في مصلحة الفرد والمجتمع ليس للحد من انتشار فيروس كورونا فحسب، بل تجاوز تأثيره الإيجابي ذلك فتعايشنا مع الترابط الأسري الحقيقي الذي كان الكثير منا يفتقده إلى درجة أن بعض الأبناء أصيبوا بالدهشة لِمَا رأوه من إقامة جبرية لوالدهم داخل المنزل لم يكونوا يعهدوها من قبل ولله الحمد من قبل ومن بعد.
حتى أن نساءنا ولله الحمد شملتهم الأهداف الإيجابية فأصبحن لا يحبذن الخروج من المنزل ولايرغبن في التسوق ولا يبحثن عن الكماليات ولا يشتاقن للنزهات، بل شاهدناهن يقدمن لنا أفضل المشروبات والمأكولات !!!
وأبناؤنا وبناتنا أيضًا لمسنا منهم الحرص على اتّباع الإجراءات الوقائية، وزيادة الوعي، وسماع الأخبار والتعليمات من مصادرها الموثوقة واستشعار المسؤولية والالتزام بالتعليمات طواعيةً دون طلبًا لثوابٍ أو خوفًا من عقاب.
في هذا الأزمة أدركنا أنه بالإمكان إقامة المحاضرات وحضور الندوات، وعقد الاجتماعات بين الأشخاص والمؤسسات التي كنا في السابق نرصد لها المبالغ الباهضة والتجهيزات الفارهة، وكان بالإمكان الاستغناء عنها باستخدام وسائل التقنية الحديثة.
خلال هذه الأزمة تعلّمنا كيف نتعامل مع التطبيقات الذكية، وكيف نستطيع الوصول إلى أهدافنا بواسطة ضغطة زر كنا لا نحسن استخدامها أو هكذا نتخيل لكنها الحاجة التي علمتنا الكثير والكثير.
ومع كل ما تقدم فإننا في هذه الفترة العصيبة نحتاج للزاد والتزود ليس زاد الطعام فقط، بل زاد التحمل والاحتمال، زاد الحب والتودد.
لا وقت لدينا لتغيير سلوكيات بعضنا عنوة، فنحن مجبورون لتطبيق ماكنا نقرأ عن التغافل والتغاضي، نحن اليوم بحاجة لأن نمارس التعايش الأسري بشكله الحقيقي.
لامكان اليوم في خندق العزل لتصفية الحسابات داخل البيت المعزول، ولا مكان لفرض الرأي، ولا مكان للقسوة والأنانية، كما أنه لا مكان للانتقادات غير البناءة.
ومع كل ماذكرت من فوائد الحجر المنزلي وفيروس كورونا إلا أنني أشم رائحة أشخاص ينتظرون انتهاء فترة الحظر على أحر من الجمر ليعودوا إلى سابق عهدهم المليء بالمتناقضات ولهؤلاء أقول: *يازينك جالس بالبيت* !!!