رداً على مقال صديقي وزميلي رئيس تحرير هذه الصحيفة الجميلة العزيزة على قلبي وقلوب الكثير من القراء والمعنون ب( معايير العيب سبب تخلفنا ) و الذي تطرق فيه الى ما نتج عن تقريع وتأنيب وتأديب الكبار للأجيال التي من بعدهم من أبناء وأحفاد تجاوز حدوده محاولة منهم للتهذيب و الإصلاح وإجتهاداً يشكرون عليه وإن أخطأوا بعض الشيء .
فعلاً نشأ جيل متشدد متطرف يفسرون كل ما خرج قيد أنملة عن العادات والتقاليد بأنه عيب ووصمة عار وحرام يجب التخلص منه بأسرع وقت ممكن .
وفي تلك الفترة وفي الجانب المقابل نشأ جيل آخر مناويء بقيادة تيار معاكس يدعو الى التحرر والانحلال والتفريط في القيم السامية والعادات الأصيلة والثوابت المعروفة .
وبين هذا وذاك كان الاعتدال مطلب للخروج من تلك الصراعات التي تؤدي الى خلق الفتن وتشتيت اللحمة الوطنية فلا افراط ولا تفريط وتبقى كلمة عيب كلمة عزيزة متى ما أحسنا استخدامها وهذا ما حدث فعلاً في ظل الرؤية المباركة التي يقودها ملك الحزم والعزم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين يحفظهم الله .
كلمة عيب أيها السادة والسيدات كانت قائدة ورائدة في زمن الابآء والأجداد فقد حكمت العلاقات الاجتماعية بالذوق العام ووضعت حجر الأساس لأصول التربية السليمة وتقبلناها بحب وتعلمنا أنها ما قيلت إلا لتعديل سلوكنا واعتبرناها مادة تربية مختزلة في أحرف .
كلمة عيب ايها الكرام خرّجت زوجات صابرات ، صنعن مجتمعات الذوق والاحترام وتخرج منها رجال ونساء كانوا قادة في الشهامة والشجاعة والأنوثة والرجولة !!!
أبجديات ( عيب) جامعة بحد ذاتها ، وحروفها المجانية بألف دورة مدفوعة التكاليف، وبحروف كلمة عيب قدَّر الصغير الكبير ، واحترم الجار جاره ، وتداولنا صلة الأرحام بمحبة وشوق .
وتربى الشباب والفتيات على غض البصر وخفض الصوت ،واحترام الكبير والعطف على الصغير وإعطاء كل ذي حقه حقه .
( عيب ) كانت منبراً وخطبةً يرددها الأهالي بثقافتهم البسيطة، حيث لم يكونوا خطبآء منابر ولا دعاة دين ولا مُفتين ، وإنما هي كلمتهم لإحياء الفضيلة وذم الرذيلة ونجحوا في ذلك الى حد كبير .
كلمة (عيب) ثُرنا عليها ذات يوم عندما قلنا عَلَّمُونا العيب قبل (الحرام) وتمردنا عليها ظناً منا أننا سنعلم الجيل بطريقة أفضل،فنشأ جيل جديد لم نفلح في غرس كلمة “عيب” ولا شقيقتها الكبرى “حرام” في التفاهم مع سلوكياته ونزواته.
أخيراً اذا زاد الشيء عن حده انقلب الى ضده فليس من المقبول تكميم الأفواه وشل الحركة بإستخدام كلمة ( عيب ) عند كل شاردةٍ وواردة ، وفي نفس الوقت يجب أن نحافظ على ديننا وقيمنا وعاداتنا وثوابتنا الراسخة بكل ما أوتينا من حكمة.