من وجهة نظري أن الثرثرة ليس بالضرورة شفهية بل أحياناً تكون مكتوبة أو حتى حركية وفي جميع الحالات يترتب عليها إشغال للآخرين في انتظار الخلاصة التي قد لا تكون موجودة وإنما هي ثرثرة لإثبات الحضور ومزاحمة الآخرين .
ثرثرة تبدأ من النسخ واللصق ونشر الإشاعات المغرضة والمعلومات المغلوطة من مصادر مشبوهة ثم يتسابق الثرثارون على نشرها وتأصيلها وإقناع الآخرين بها في أحاديث مطولة لا تمت للواقع بصلة .
وتتسابق منصات التواصل الإجتماعي في التشجيع على الثرثرة ومنح المكافآت المالية لها كما تتسابق الى تحديث برامجها وإضافة كل ما من شأنه زيادة عدد المستفيدين منها بما يتوافق مع متطلبات الاستمرار والحصول على أعلى معدلات الإشتراك وكسب رضاء الجمهور .
وقد عمدت منصة إكس وهي من أقوى منصات التواصل الإجتماعي على مستوى العالم الى إضافة خاصية مساحات الحوار الصوتي وتبادل الأراء ومناقشة القضايا وتلك ميزة مميزة أسعدت الكثير من هواة التحدث أو الإستماع أو حتى الثرثرة لسهولة الحصول عليها أو الإنضمام لها .
وقد سعدت كغيري بالمشاركة في هذه المساحات التي تهدف الى مناقشة قضايا وطنية أو إجتماعية أو ثقافية يستفيد منها المتلقي وربما تساهم في تنمية قدرة المتحدث على الحوارات وإلقاء المحاضرات وإنتقاء الكلمات كما أنها تساهم في تغذية فِكْر المستمع وتوسيع مداركه وهذه الفائدة يطمح لها أغلب المشاركين.
إلا أننا أُبتلينا كغيرنا بالثرثارين الذين لاهم لهم سوى الإستحواذ على المايك وإلقاء المحاضرات والحديث في جميع الإتجاهات وكأنه علم زمانه الذي لا يشق له غبار !!!
ومن هنا فإن بعض المساحات التويترية مُمِلّة وتتسم بالخواء المعرفي وتغلب عليها الشلليه المقيته والأفكار المنحرفة ولذلك يتعمد المشرفون عليها الى تكميم الأفواه و استبعاد بعض المشاركين المتخصصين خوفاً على مكانتهم أمام المتحدثين والمستمعين .
كما أن البعض يجلب لمساحته من يروج لأفكار ضالة ومباديء هدامة أو ذات الطابع العنصري والتوجه الطائفي الذي يؤجج الصراعات بين أفراد المجتمع ويمزق اللحمة الوطنية.
العقلاء من هواة هذه المساحات هم من يقرأون العناوين جيداً ويستعرضون المشاركين بها قبل الولوج اليها أو التحدث فيها وغالباً مايكون الإستماع أفضل من المداخلات المكرورة أو الإضافات غير المفيدة .
مايحدث في منصة إكس من الثرثرة يتكرر في منصات أخرى من منصات التواصل الإجتماعي بطرق مختلفة تهدف في مجملها الى حب الظهور وإثبات الوجود وجلب أكبر عدد من المتابعين دون محتوى مفيد أو رأيٍ سديد .
ختاماً تذكر وأنت تتصفح وسائل التواصل الإجتماعي أن إماتة الباطل تكون بالسكوت عنه لا بالمجادلة فيه وهذا يعني أن الإبتعاد عن المواضيع المشبوهة أفضل من المشاركة بها وتعود فائدته على الجميع وخير الكلام ما قلّ ودلّ ودمتم سالمين .