عجباً ما نسمعه ونشاهده هذه الأيام في وسائل التواصل الإجتماعي وحتى في مجالسنا العامة والخاصة من تعدي على حقوق الآخرين وتطفل على تخصصاتهم حيث أصبح الجميع علماء متخصصون وفي كل مجال يتحدثون ومع كل شاردةٍ وواردة يتداخلون .
قد نفرح أحياناً عندما نسمع ذلك ظناً منا أن ثقافة الوعي المجتمعي قد انتشرت وازدهرت لكن الحقيقة تقول أن الكل يهرف بما لا يعرف إلا القلة القليلة ثم نتيقن أن القوس لم تعد حصريةً على بارئها .
فحينما يمرض شخص يصبح كل من حوله أطباء وصيادلة ومصورين ومحللين بدون أجهزة ولا أدوات ولا حتى كشف وإنما بالتخمين والاستشعار عن بعد !!!
وفي الأزمات والحروب يصبح معظم الناس محللين سياسيين وعسكريين استراتيجيين يفسرون ماحدث ويتنبؤون بما سيحدث.!!
وعند متابعة أي مباراة رياضية ينقلب المشاهدون إلى مدربين وحكام وخبراء رياضيين حسب أمزجتهم ورغباتهم ونواديهم المفضلة !!!
وإذا تعطلت سيارتك ووقفت في منتصف الطريق فالكل يفهم بالميكانيكا وكهرباء السيارات ولو ساعدته الظروف لكان لديه أكبر مركز صيانة سيارات وهو يعجز عن اصلاح سيارته .
واذا وقع حادث مروري أو جنائي تجمهر المارة للتصوير ونقل الحدث وتحقيق السبق الاعلامي حتى لو لم يكونوا اعلاميين وربما يخططون الحادث أو يعاينون مسرح الجريمة فيساهمون في طمس المعالم التي يبحث عنها أهل الإختصاص بحماقتهم وتطفلهم .
وعند توسعة مسجد يتقمص المصلون بعد كل صلاة دور المهندسين والمشرفين على مشروع التوسعة دون دراسة مستفيضة أو خبرة تراكمية وفي نفس الوقت لا تسمع منهم كلمة تشجيع أو دعم بل شعارهم الرأي الواحد والقرار الآحادي !!
وعند طرح أي مسألة شرعية يصبح الحاضرون كأنهم أحمد بن حنبل والشافعي وابوحنيفة فيفتون بدون عِلْم وهم أبعد مايكونوا عن العلوم الشرعية !!!
ومما زاد الطين بلة أن منصات التواصل الاجتماعي جعلت من بعض الجهلة علماء ومفكرين وباحثين إسلاميبن !! بعد أن فشلوا في تحصيلهم العلمي .
وقديماً كان لا يعرف الأهبل إلا أهله وخاصته أما بعد تعدد وسائل التواصل الاجتماعي فقد أصبح الأهبل من المشاهير الذين يلتف حولهم الجماهير وتبحث عنهم القنوات .
فمتى نحترم اختصاص بعضنا البعض ؟
أما حان الوقت لذلك في ظل ما نشهده من نهضة حضارية وإقتصاد مزدهر وتطور ملحوظ ؟
أتمنى أن ندع المجال لذوي الإختصاص ونستمتع بما يتحقق لهم من انجازات يعود نفعها على الجميع .