أحدهم كان يحمل مؤهلات عالية وسمعة طيبة قادته لمنصب مرموق، فكافح واجتهد إلى أن أصبح محط أنظار أقاربه وأقرانه وجيرانه، وكان من بينهم شخص ذا دخل محدود وأوضاع متردية، ومن منطلق الإنسانية وما تتطلبه أواصر الجوار والقربى ساعده ووجهه، ودعمه ماديًا ومعنويًا إلى أن تجاوز ظروفه وأصبح في مصاف الذوات وأصحاب الثروات، فتنكر المسكين لصاحبه، بعد أن دب داء الحسد في جوانحه، ولكونه يعرف الكثير عنه عَمَد إلى ابتزازه واستنزافه بشتى الطرق الملتوية أملًا في الوصول إلى ما وصل إليه من سمعة طيبة وقبول لدى الآخرين دون جهد يذكر أو سخاء يشكر وأنّى له ذلك !!
فما كان من الرجل العاقل المتزن الحكيم إلا أن استعان بجيرانه الفضلاء العقلاء لكبح جماح الجار العاق في محاولات منهم لتصحيح مساره، واجتثاثه من أحضان أعدائه، لكن محاولاتهم ووساطاتهم المتكررة باءت بالفشل بسبب توغل داء الأعداء في مفاصله، مما أدى بالجار العاقل المتزن إلى مقاطعة جاره اللئيم ولسان حاله يقول: (فكّةٍ من جحا غنيمة) !!
حالنا في المملكة العربية السعودية مع دولة قطر هو حال ذلك الرجل التقي النقي الذي يحب لأقاربه وجيرانه مايحب لنفسه، ولكن بعض جيرانه لا يعجبهم عجب ولا الصيام في رجب !! وبدلًا من المحافظة على مكتسباتهم الخليجية ووحدتهم المجتمعية وتكتلاتهم الاقتصادية، استعانوا بالعدو على الصديق وانحرفوا عن جادة الطريق، وهذا ما انتهجته قطر بقيادة تنظيم الحمدين رغم محاولات الأشقاء والأصدقاء رأب الصدع وتسوية الخلاف، ومع ذلك رب ضارة نافعة وربما تكون الفكة من قطر غنيمة أيضًا !!! في ظل تعنتها البغيض واستعانتها بقوى الشر ، وبما أن المقاطعة مضى عليها عام من غير حول منا ولا قوة فقد حققت ولله الحمد الكثير من الإيجابيات للمملكة العربية السعودية ومنها على سبيل المثال لا الحصر: انحسار التيار الإخونجي واختفاء معظم أتباعه ومؤيديه، وانهزام داعش وفرار فلولهم من أغلب المناطق التي كانوا مسيطرين عليها، وانعدام نشاط الكثير من التنظيمات الإرهابية، وتوقف الدعم اللوجستي عن المليشيات الحوثية، وزيادة اللحمة الوطنية، والتفاف المواطنين حول قيادتهم الحكيمة، وتحقيق تحالفات اقتصادية مع عدد من الدول الشقيقة والصديقة ولو لم يتحقق لدولتنا الحبيبة من المقاطعه سوى ماذكرنا لكفى.
ولذا صح القول: (فَكّةٍ من قطر غنيمة).